رياح شرقية
لجنة استعراض العضلات!
محمد الشيخ
ما إن اطلعت على بيان لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي لكرة القدم الأخير الذي هددت فيه كل من تسول له نفسه التعرض للحكام ولجان الاتحاد بالويل والثبور وعظائم الأمور حتى قفز إلى ذهني المثل المصري الدارج "اسمع كلامك أصدقك..أشوف أمورك استعجب".
فاللجنة التي كشفت لنا في بيانها عن امتلاكها لسلسلة من المواد وصفحات من النصوص لم تذهب مباشرة لتطبيقها على من تجاوز على الحكام واللجان من رؤساء الأندية ليس بالقول فقط بل بالفعل، خصوصاً وأن منهم من أفرط في التجاوز ضارباً بكل الاعتبارات، ليس مراعياً لقانون، ولا محترماً لمواثيق، وبدلاً من أن تبادر اللجنة بإصدار العقوبة المنصوصة خرجت بذلك البيان الذي كشف عجزها وفضح قلة حيلتها أمام بعض رؤساء الأندية.
فحتى عقوبة لفت النظر والتحذير الذي تندرج ضمن المواد الواردة في لائحتها والتي أوضحها البيان لم تستخدمها اللجنة، على الأقل لإقناع الرأي العام بجديتها في تطبيق العقوبات التي لوحت بها في البيان، لكنها لم تفعل، وأحسبها لن تفعل على الأقل بحق رؤوساء وشرفيين معينين ممن دأبوا على الطعن في الذمم والنيل من الكرامات دون أن يردعهم قانون، أو يثنهم ميثاق، وكأني بتلك المواد قد فصلت على مقاس رؤوساء وإداريين وشرفيين غيرهم ممن يمكن للجنة الاستقواء عليهم.
ولست استبعد أن تبدأ اللجنة في الأيام القريبة المقبلة في إشهار سلاح العقوبات في وجه (المغلوبين على أمرهم) بل وتفريغ ما فيه باتجاههم لكي تثبت قوتها، وكذلك من باب "اضرب المربوط يخاف السايب"، لكنها تخطئ إن فعلت ذلك، فالمربوط هو من سيدفع الثمن مضاعفاً، ثمن أخطاء الحكام، وثمن عقوبات لجنة الانضباط، في حين سيبقى السائب سائباً بلا حسيب ولا رقيب.
لست هنا رافضاً لعقوبات لجنة الانضباط التي لوحت بها في البيان الأخير، بل على العكس فأنا معها، لكنني أرفض ضعفها في التطبيق، إذ لم تكن بحاجة للتلويح والتهديد، إذ كان حرياً بها التنفيذ، خصوصاً وأن ثمة حالات اعتراض على الحكام كانت واضحة كالشمس في رابعة النهار تدعمها الصور التلفزيونية بما فيها من احتجاجات عنيفة وإيماءات مرفوضة، وأحسب أن بيان اللجنة ما كان ليخرج لولا تلك الحالات التي أساءت لهيبة اتحاد الكرة وهزت صورته قبل أن تسيء للحكام وتقلل من قيمتهم، ولو أن اللجنة أصدرت عقوبتها مدعومة بموقف حازم من أعلى الهرم في اتحاد الكرة، لما بقي السائب سائباً.
وبالقدر الذي يحسب على لجنة الانضباط عدم مباشرتها للعقوبات واكتفائها بالتلويح، لكنها في المقابل يحسب لها أنها وضعت نفسها بنفسها على المحك، فما قبل صدور البيان شيء، وما بعده شيء آخر، إذ ستكون كل تصريحات وانفعالات مسؤولي الأندية تحت مجهر الإعلام. لاسيما حينما تصدر من أولئك المعروفين بتجاوزاتهم، وعندها ستكون اللجنة أمام خيار صعب ما بين الاستمرار في استعراض العضلات أو استخدامها!.