تاريخ الجزيرة العربية الأدبي .. يزخر بعدد من الشاعرات اللاتي ساهمن في ايجاد موروث شعري شعبي في الجزيرة العربية .. ومن هؤلاء الشاعرات بل من ابرزهن .. الشاعرة موضي الدهلاوية ..
الشاعرة موضي الدهلاوية (1165 – 1240 هـ تقريبا)
هي موضي بنت سعد بن عبد الله (الملقب بالدهلاوي) بن شارخ بن محمد بن على بن محفوظ العجمي.
كان جدها عبد الله (الملقب بالدهلاوي) أميرا للرس في منتصف القرن الثاني عشر الهجري حوالي عام 1050 هـ وظل في الامارة طويلا وقيل أنه هـو أول امير للرس وكان من قبله رئيساً لقومه فقط وخلفه على إمارة الرس من بعده ابنه سعد والد موضي في أواخر القرن الثاني عشر الهجري حوالي عام 1180 هـ.
وكانت أختها مضاوي هي أول معلمة كتاتيب في الرس زوجها أبوها على الشيخ قرناس بن عبد الرحمن قاضي الرس والقصيم في وقته.
عاصرت موضي حكم الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود ثم ابنه سعود بن عبد العزيز ثم ابنه عبد الله بن سعود وشهدت حملة طوسون باشا على الرس عام 1230 هـ ثم حصار ابراهيم باشا للرس عام 1230 هـ ثم انهيار الدولة السعودية الأولى بسقوط الدرعية عام 1234 هـ.
وقد خلدت كباقي شعراء الرس مقاومة أهل الرس لحصار ابراهيم باشا في هذه القصيدة:
هيه يا راكب(ن) حمرا ظهيره
تزعج الكور نابيـة السنـام
سر وملفاك هل العوجا مسيره
ديرة الشيـخ بلغـه السـلام
يا هل الحزم يا نعم الذخيــــرة
إن لفاكم من الباشـا عـلام
أدعوا الله ولا تدعون غيــــره
واعرفوا مامن الميتة سلام
الفرنجـي إلا قمنـا نكيــــــــره
تلفظه مثـل سيقـان النعـام
عند سوره تخلى كالمطيـــرة
إلى استلذالردى حلو المنام
ما نقلنا السيوف اللي شطيرة
كود للكون في وقت الزحام
هل العوجا: أنصار كلمة لا إله إلا الله وهم أنصار الشيخ محمد بن عبد الوهاب من أهل الدرعية
الشيخ: محمد بن عبد الوهاب
الباشا: ابراهيم باشا
الفرنجي: لعله ملح البارود
تلفظه مثل سيقان النعــام: ترميه مواسيرالمدافع
الكون: الحرب
اشتهرت شاعرة الرس موضى بالدهلاوية بجمالها وشعرها وشرف نسبها وحبها للبدو فتقدم لها الفارس الشيخ جديّع ابن منديل ابن هـذال العنزي المعتزي بأخي بتلا (وهي عزوة آل هذال) والملقب براعي الحصان وكان هو شيخ الحبلان من العمارات من عنزة وشيخ مشايخ قبيلة عنزة كلها في وقته عندما كانت عنزة تسيطر على مراعي القصيم ونجد فتزوجته. وعلى الرغم من حبها للبدو ولزوجها إلا أنها بقيت في الرس ولم تلازم زوجها في حله وترحاله وكان جديّع يزورها بين فترة وأخرى.
وبعد زواجها سمعت موضي مرة أن زوجها جديّع بن منديل بن هـذال جرح في ساقه في احدى المعارك فقالت فيه:
يا راكب اللي حداها اشهب هـلال
ايضا ولا فوقهْ رديف(ن) محنهـا
اقطع لها من غابة اللوز محجـان
واستدْنها باللايـذة مـن ثفنهـا
اول نهارك خلهـا بـس ذومـال
وتالي النهار تطيّر الربـح عنهـا
ملفاك بيت صويحبي زين الامثال
لا جيت ابن هذال ثم فـك عنهـا
تلقى فطورك سحّة(ن) عقب فنجال
وحايل ثمان سنين يندي صحنهـا
يا ليت همّك ينقسم بيـن الانـذال
يا رب رجْل صويحبي عفّ عنهـا
حداها: ساقها
محنها: اتعبها
محجان: عصا معكوفة الطرف يسوق بها الناقة
ثفنها: مقدمة المفصل بين الفخذ والساق اي اضرها معه لتسرع وتصل صاحبي
ذومال: نوع من ركض الابل
سحّة: تمرة
حايل: شاة ليس في بطنها جنين ولا يتلوها ولد
ثم اشتاقت مرة لزوجها جديّع لتأخره عليها لسبعة أشهر أو سنة كاملة فانشدت القصيدة التالية تشكوا شوقها إليه وتستحثه على المرور عليها:
يا الله يا مودّي غريـب(ن) لبلاده
يا مودع(ن) سفن البحر فوق الأمواج
تريّـح قلبـي فـى مضنّـة فـواده
ما طاعهم لو ينصحـه كـل هـرّاج
امـي تقـول تصبـري والـجـلادة
وقلبي لْيا جا طـارش البـدو ينفـاج
أمّـي تقـول أن التمنـي سِمـاجـه
وأقول أن بعض التمني بـه افـراج
ياراكب(ن) خيل(ن) بْروسه لجاجـه
مْضـرّيَـات للـمِـسـاري والادلاج
لا روّحـنْ بالـدوّ كـنّ إنزعـاجـه
سفن(ن) حداها بالبحَر بعض الامواج
سفن البحر سود(ن) بْروسه فجاجـه
وارقابهن زعّاج من يبْـس الامـواج
يلفِن على من علتـي هـو علاجـه
تلقـون بيتـه للمساييـر مـدهـاج
تلفَون شيخ(ن) نازل(ن) بالعجاجـة
جديّـع الّلـي للمجاويـخ زعّــاج
سلم على الّلـي راح للحـول ماجَـه
وقلّه خويّك ضايق الصـدر وعـلاج
وقل لابن وايـل كـان وده يواجـه
القيظ فـات وباقـي الوسـم زعّـاج
وكانت هـذه القصيدة سببا فى طلاقها فبعد ذلك ولغيرته المفرطة رد جديّع على موضي بهذه القصيدة مطلقا لها لتغزلها به على رؤوس الملأ حيث صار شعرها فيه على ألسنة الناس.. وهذا الأمر كان في اعراف بعض البدو يُعد من العيب .
ياراكب(ن) خيل(ن) إلـى لجلجنّـي
عُوص(ن) لهن مع نازح البيد مرمال
إلـى مشـن مديدهـن مـا يونّـي
لكـنّ حاديهـن مـع الـدوّ خيّـال
مدّن مـن الانجـاج حيـن انهلنّـي
والظّهر عند صخيّف اللـون مقيـال
والعصر عنـد صويحبـي برّكنّـي
أبو ثمـان(ن) كنّهـن درّ الاجهـال
لا جيت موضي يا منـاي ومظنّـي
وصّل سلامي لْبنت ماضين الافعـال
وقلّه تراهـا طالـق الحبـل منـي
الّلـي قصيـده يلعبـه كـل رجّـال
وقد ردت عليه موضي الدهلاوية ردا جميلا ومهذبا تعاتبه على فعله:
حيّ الجواب وحيّ من هـو جابـه
يا شيخ يالّلي بالّلقا ضـد الاجنـاب
يا شيخ والله ما وطيـت المعابـة
ولا خايلَت عيني على كل نصّـاب
وان كان هرجي قيل كل(ن) حكى به
عِرضي نزيه ولا حكى به كل هزّاب
ارجيك رجْـوى الباديـة للسحابـة
وجازيتني في كلمة(ن) مالها اسباب
هذا النصيب وما بغى الرب جابـه
لْيا صِك باب(ن) يفتح الله مْيةْ باب
ثم ندم الشيخ جديّع بن هذال وأراد أن يردها الى ذمته الا أنها رفضت الرجعة قطعيا وقالت:
جديّـع يومنـه بغـانـي بغيـتـه
ما طمحوني عنه كثـر العشاشيـق
واليـوم يومنـه رمانـي رميتـه
رمية وضيحيّ(ن) رموه التفاقيـق
جديّع أنا حرمـت مسكـان بيتـه
الا مغيب الشمس يرجع لتشريـق
والا ان صوت الحي يوحيه ميتـه
أو ينبلع سم الحيايا علـى الريـق
عسى يجيني شيخ(ن) يسمع بصيته
سنافي يعطي من طوال السماحيـق
وعندما قتل جديّع رثتة موضي الدهلاوية بهذة القصيدة:
يا كير لا مرّت عليـك المخاييـل
في قاعتك يا كير حـلّ الذّباحـي
هِلّيه يا وضحى دموع(ن) هماليل
على عشيرك يمّ ضلع البْطاحـي
لومي على الّلي يلبسون السراويل
ما عفّتَوا أرقابهن يـوم طاحـي
خلّوه بوجيـه العصـاة المغاليـل
وراجوا عليه مغلّبيـن الرّماحـي
أخذ حلاوتها جديّـع بـن منديـل
وخلّى الغثا لرْباعته واستراحـي
كير: جبل جنوب الرس
المخاييل: الخيال وهو السحاب أي لا أمطرتك السحب
في قاعتك: في الأرض المنبسطة حولك
حل: جرى
الذباحي: التقاتل
هليه: ابكي عليه ذارفة الدمع
وضحى: زوجة جديّع البدوية
هماليل: منسكبة
عشيرك: زوجك جديّع
يم: جهة وصوب
ضلع: جبل
البطاحي: منطقة وشعيب في الرس قريبة من كير وكير من معالي شعيب البطاح
اللي يلبسون السراويل: الذين يلبسون السراويل وهم الرجال
ماعفتوا أرقابهن: لم يعطفوا أرقاب الخيل بقوة لتعود إليه لينقذوه
يوم طاحي: عندما سقط جديّع صريعا
خلوه: تركوه
بوجيه العصاة المغاليل:
وموضي تسند هذه القصيدة على وضحى زوجة جديّع وتلوم فيها قومه الحبلان من العمارات الذين لم يستميتوا في الدفاع عنه.
وقد تزوجها الشيخ مجلاد بن فوزان شيخ الدهامشة من العمارات من عنزة
وأنجب منها أولادا لم يعيشوا.
توفيت موضي الدهلاوية عام 1240 ه
حاصل على ترخيص من وزارة الثقافه والاعلام السعودي
موضي الدهلاويه
العرض العادي
