تتيانا الكور - عادة ما تكون أعراض فقر الدم الناتج عن نقص الحديد خفيفة لدرجة أنه يمكن أن نعاني من نقص الحديد لسنوات عدة دون الإحساس بأعراض النقص والتي تتمثل بالشحوب، التعب والخمول، ضعف عام في العضلات مع سرعة التعب والإعياء، الإرهاق وعدم القدرة على التركيز، الأرق، صداع ودوار مع شعور بعدم الثبات ، طنين في الأذن، عدم إنتظام الدورة الشهرية، وضيق النفس خاصة عند كبار السن. وتعتبر النساء الحوامل الفئة الأكثر تعرضا لنقص الحديد، تليها فئة الأطفال والرضع، ثم فئة النساء في عمر الإنجاب.
وتختلف أعراض نقص الحديد باختلاف الفئة العمرية، فتظهر عند الأطفال أعراض بطء في النمو الجسدي والذهني مع ضعف القدرة على التفاعل و ضعف مقاومة الجسم للأمراض، وزيادة الإصابة بالتهابات مع وجود خلل في التذوق مصاحب برغبة في تناول التراب والطباشير. أما عند النساء الحوامل، فتظهر أعراض تأخر نمو الجنين، الولادة المبكرة، تدني الوزن عند الولادة مع ازدياد مضاعفات الحمل والولادة.
وكثيرا ما نتداول في جلساتنا الحديث عن بعض الأعراض الأكثر شيوعا والتي تعتبر أعراض مصاحبة لنقص الحديد مثل: هشاشة الأظافر وتقعرها،تساقط الشعر، فقدان الشهية، التهاب زوايا الفم، وصعوبة البلع مع التهاب اللسان.
ويعتبر الحديد من معادن الجسم الأساسية وهو ضروري لتصنيع مادة هيموجلوبين الدم الموجودة في الكريات الحمراء والمسؤولة عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى بقية أعضاء الجسم، فعند استنزاف مخزون الحديد، يعجز نخاع العظم عن إنتاج عدد كاف من كريات الدم الحمراء بسبب نقص الحديد، ويحاول الجسم بالتالي إبقاء نسبه الكريات الحمراء طبيعية في الدم قدر الإمكان من خلال إنتاج كريات دم صغيرة الحجم وتحتوي على كمية أقل من الهيموجلوبين.
وينتج نقص الحديد لأسباب عدة، منها: قلة استهلاك الحديد عن طريق الغذاء بسبب اتباع نظام غذائي سيئ (كاتباع أنظمة غذائية عشوائية أو أنظمة منحفة غير صحية أو تناول حبوب النخالة) أو بسبب الإعتماد على الخضراوات فقط في التغذية وترك تناول الأغذية الغنية بالحديد وخاصة اللحوم ،عدم إمتصاص الحديد بصورة جيدة (مثل حالات الإسهال المزمن وحالات سوء الإمتصاص وبعد عمليات إستئصال المعدة)، فقدان الدم نتيجة النزيف البسيط المتكرر أو المزمن (خاصة في فترة حيض المرأة، وفي حالات نزيف الجهاز الهضمي كما يحدث في حالات البواسير وقرحة المعدة والاثني عشر، وسرطان المعدة والقولون، ونتيجة تناول الأدوية التي تسبب تقرحات في المعدة)، وجود الإلتهابات بأنواعها) مثل الالتهابات الفيروسية والبكتيرية خاصة عند الأطفال الصغار). وفي كثير من الحالات، كما يحدث في فترة الحمل والرضاعة، أو فترة النمو السريع (أثناء نمو الأطفال في السنوات الأربع الأولى، وخلال سنوات المراهقة) أو لدى الفتيات مع بداية الدورة الشهرية لديهن، فتكون كمية الحديد المستهلكة غير كافية لتلبية إحتياجات الجسم من الحديد.
ويوحد معدن الحديد في الغذاء على شكلين: الحديد الهيمي (heme iron) وهو الحديد المتواجد في المصادر الحيوانية الغنية بالحديد كالكبدة واللحوم الحمراء و البيض والسمك والدجاج، والحديد غير الهيمي (non-heme iron) والموجود في المصادر النياتية كمجموعة الخضارمثل الخضراوات الورقية والبقوليات وفول الصويا، ومجموعة الحبوب كالحبوب الكاملة، والخبز المدعم بالحديد ونخالة القمح وبذور السمسم، ومجموعة الفواكه كالبلح والتمر والتين والخوخ والزبيب والعسل الأسود.
وتختلف قدرة الجسم على إمتصاص الحديد باختلاف شكله إذ تزيد كفاءة الإمتصاص بتناول المصادر الحيوانية منه إذ يستطيع جسم الإنسان إمتصاص قرابة العشرين بالمئة من الحديد الهيمي من المصادر الحيوانية وخمسة إلى عشرة بالمئة فقط من الحديد غير الهيمي من المصادر النباتية. إلا أن امتصاص الحديد الموجود في الأطعمة الحيوانية منها والنباتية يتأثربشكل كبير بمنشطات ومثبطات الامتصاص الموجودة في الوجبات. فمن أمثلة المنشطات (وهي العناصر التي تزيد من إمتصاص الحديد): فيتامين ج (Vitamin C) المتواجد في الحمضيات كالليمون والبرتقال والفلفل والمانجو والكيوي والفراولة والملفوف والبقدونس والبندورة، لذلك ننصح بتناول نصف كوب من عصير البندورة أو أي عصير حمضي أو تناول السلطة مع الوجبة الرئيسية، حمض التارتار (Tartaric acid) إذ ننصح بتناول أغذية غنية بهذا الحمض كالجزر والبطاطا والبندورة والشمندر في الوجبات، مادة السيستيين الموجودة في اللحوم إذ ننصح بمزج القليل من اللحم مع الحبوب والبقوليات في الوجبة كطبخ الفاصولياء أو السبانخ مع اللحم مثلا، والمواد المخمرة: كاستخدام الخل أو صلصة الصويا في تحضير الأطباق.
ومن أمثلة المثبطات (وهي العناصر التي تمنع إمتصاص الحديد): الألياف الموجودة في نخالة القمح والأرز والبقوليات، ومادة الفينول/الكافيين في القهوة والشاي (لذلك ينصح بتناول الشاي والقهوة قبل أو بعد الوجبة يساعة)، والكالسيوم (إذ ينصح بعدم تناول حبوب الكالسيوم مع الوجبة الرئيسية لأنه يتعارض وإمتصاص الحديد).
ويلعب اتباع النظام الغذائي الصحي دورا مهما في الوقاية من وفي معالجة حالات فقر الدم الناتجة عن نقص الحديد، لذلك ننصح بتقييم النظام الغذائي بين الحين والآخر لضمان تناول إحتياجات الجسم الأساسية من الحديد وحسب الفئة العمرية، والجنس والحالة المرضية. كما وننصح بإجراء فحص دوري لمخزون الحديد في الدم، خاصة لدى الحوامل والمرضعات والأطفال والرضع والمراهقين والمراهقات والنساء في عمر الإنجاب وفي حالات مرضية معينة. ومن الإرشادات المهمة للوقاية من نقص الحديد، ننصح بتناول الأغذية التي تحتوي على الحديد الهيمي مثل: اللحوم والدجاج والسمك والأطعمة البحرية، مع مراعاة مزجها مع مصادر نباتية غنية بالحديد مثل الملفوف والبقوليات والفواكه المجففة. كما وننصح بتغيير أسلوب تناول الوجبات وذلك بزيادة منشطات الامتصاص مثل فيتامين ج ( Vitamin C ) الموجود في الفواكة والعصائر وبعض الخضروات من أجل رفع نسبة إمتصاص الحديد، بالإضافة إلى التقليل من تناول مثبطات الامتصاص، ومن أهمها الشاي والقهوة، ومراعاة عدم تناول المأكولات التي تعمل عمل المثبطات في نفس الوقت مع الأغذية الغنية بالحديد مثل الأغذية الغنية بالكالسيوم والنشا و حبوب النخالة إذ ننصح بتناولها بعد ساعة أو ساعتين من الوجبة، كذلك يجب توخ ي الحذر عند تناول بعض الأدوية لأنها قد تؤثر في إمتصاص الحديد فهنالك أدوية تقلل من حموضة المعدة مع العلم بأن أحماض المعدة تساعد على امتصاص الحديد.
منقووووول
حاصل على ترخيص من وزارة الثقافه والاعلام السعودي
نقص الحديد وفقر الدم
العرض العادي
