وقال أبو المنهال: "ما جاور عبد في قبره من جار، أحبَّ إليه من استغفار كثير"،
وقال الحسن -رحمه الله-: "أكثروا من الاستغفار على موائدكم وفي طرقاتكم وفي أسواقكم، فإنَّكم لا تدرون متى تنزل الرحمة"،
وقال قتادة -رحمه الله-: "إنَّ هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودواؤكم، فأمَّا داؤكم؛ فالذنوب، وأمَّا دواؤكم؛ فالاستغفار"،
وقال بعضهم: "من أهمته ذنوبه؛ أكثر لها من الاستغفار".
وممَّا يدل على عِظم شأن الاستغفار أنَّ الله -عزَّ وجل- جمع بينه وبين التوحيد،
كما في قوله تبارك وتعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [محمد: 19].
وفي بعض الآثار: أن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "شهادة التوحيد تفتح باب الخير، والاستغفار يُغلق باب الشرّ".
أمَّا صيغ الاستغفار؛ فللاستغفار صيغٌ عديدة، وأفضلها أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثمَّ يثنِّي بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة،
كما في حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- في صحيح البخاري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلَّا أنت، خلقتني وأنا عبدك،
وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنَّه لا يغفر الذنوب إلَّا أنت).
ومن صيغ الاستغفار: أستغفر الله الذي لا إله إلا هوَ الحيَّ القيومَ وأتوب إليه، قال -عليه الصلاة والسلام-: (من قاله؛ غُُفِر له وإن كان فرَّ مِن الزَّحف)[1]،
وفي كتاب عمل اليوم والليلة عن النَّسائي عن خبَّاب بن الأرتِّ -رضي الله عنه- قال: قلتُ يارسول الله، كيف نستغفر؟ قال: (قل: اللهم اغفر لنا، وارحمنا، وتب علينا، إنَّك أنت التواب الرحيم).
وفيه أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما رأيتُ أحدًا أكثرَ أن يقول: أستغفر الله وأتوب إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم"،
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "إنْ كنَّا لنعدُّ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة يقول: رب اغفر لي وتب عليَّ، إنك أنت التواب الرحيم"[2].
ومن أخصر صيغ الاستغفار وأشهرها: أستغفر الله، ورب اغفر لي.
معاشر المستمعين الكرام، هذا هو الاستغفار، وهذه هي أحوال الناس فيه، وتلك فضائله وصيَغُه، فما أحرانا أن تلهج ألسنتنا بالاستغفار!
وما أجمل أن يكون الاستغفار خير دثار لنا فيما نستقبله من أيام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لفضيلة الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد –حفظه الله-