صدى الواقع
لن يرضوا حتى لو شنق رادوي!
خالد المشيطي
قادت عفوية لاعب الهلال رادوي إلى التعبير عن مضايقات حسين عبدالغني له بما سمعناه عبر شاشات التلفزيون، فأوقف جراءها مباراتين، لأنه -حينما تكلم- انطلق من ثقافة رومانية تفسح المجال للسانه ليعبر عن مكنون نفسه بلا تحفظ، أنا هنا لا أدافع، بل أخطّئ اللاعب على فعله، لكنني أسأل عن حكم شخص تصرف بتصرف خارج نطاق ثقافته دون أن يعلم عن حجم الجرم الذي ارتكبه وفق ثقافة البلد الآخر؟!
أيضا اسأل عن حركات تعمل في الظلام، وأقوال تختفي خلف فم تغطيه يد لئلا تقرأ الشفاه التي تشتم، أليست جريمة كذلك؟!
من يسرق الخطام يسرق البعير، ومن يخطئ مرة يخطئ مرات، والسيل الجارف من نقط السيل، والقضاء حينما يحاكم يستعرض سيرة المتهم ولا يتجاهلها، فالقضية الجديدة تبنى على السوابق.
دعونا نأخذ جملة التصرفات اللا أخلاقية التي أفرزها ذلك اللقاء بدءا من الفعل الذي أحدثه حسين عبدالغني وسبب ردة فعل رادوي، ثم الشتم الذي وجهه اللاعب نفسه إلى والدة خالد عزيز، ومسلسل التصرفات الطائشة التي ظل يعرضها حسين منذ أن كان في الأهلي وفي ردة فعل على أحدها تلقى صفعة ساخنة من حسن خليفة، ثم نقلها إلى النصر، فنقل العدوى إلى لاعبين آخرين كأحمد عباس!
كان عهدنا بمباريات النصر والهلال حارة داخل الملعب، باردة خارجه، لم ينقل عن لاعب شتم أم آخر أثناء اللعب أو في ممر اللاعبين، كما فعل حسين مع الفريدي ثم خالد عزيز، بل يخرجون متحابين متصافين لأن أخلاقهم لا تسمح لهم إلا بذلك، فهم ذوو عقول راجحة، وإن أراد أحدهم الخروج عن النص وجد من يلجمه، أما إن كان كبير القوم هو من يضرب ويشتم فلا لوم على صغارهم، "إذا كان رب الدار بالدف ضاربا.. فشيمة أهل الدار كلهم الرقص!".
ما حدث من حسين وويلهامسون ومن بعض لاعبي النصر الذين تجمهروا حول الحكم بعد نهاية المباراة شوه البداية الجميلة لها عندما التف الجميع حول شعار المملكة في منظر بهيّ، وهو يؤكد أن الترتيب الإداري كان منظما، لكن الخروقات جاءت من لاعبين لا يقيمون للأخلاق وزنا، حتى الجمهور في المدرج كان واعيا عندما أخضع شعار النادي ولو مؤقتا لشعار الوطن، فتفيأ ظلاله.
ليس ما سبق هو كل القضية، بل بدايتها، أما وسطها وخاتمتها فهي ردة الفعل التي صدرت من قبل بعض النصراويين، ففتحت عينا واسعة على ما تفوه به لاعب الهلال، وأغمضت الأخرى على تصرفات بعض لاعبي النصر، كان هذا قبل إيقاع العقوبة على رادوي، وبعد العقوبة لم يرضوا كذلك، ولو شنق فلن يرضوا أيضا، لم يكفهم أن تحضر العقوبة بسرعة البرق حينما يبدر الخطأ من فرد هلالي لتطبق بحذافيرها، فالهلال الذي لم يوقف في الملعب يريدون أن توقفه القوانين خارجه، هم يريدون ميزانا من كفة واحدة توضع فيها أخطاء الهلال لترجح مهما صغرت، هذا هو القانون الذي يريدون، والعدالة التي ينشدون، فبئست مطالب تتلمس الظلم لتقص به الرقاب!
إننا نبحث مع الجميع عن عدالة ضاعت، وكرامة أوشكت أن تضيع، وأزعجتنا فوضى مطالبات تهطل على اتحاد كرة القدم من كل حدب وصوب، الكل يصرخ ليكون الأعلى حتى لو ارتقى على جماجم الآخرين، فلا التغاضي مرضٍ، ولا العقوبة -مهما كانت قسوتها- مرضية، وأعان الله ذهن المتلقي على فوضى نقد لا يعرف حسنها من رديئها، ولا صوابها من خطئها.