آفات اللسان، الشر كله ...
إِنَّ الحمدَ للّه، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللّه من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالِنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إِله إِلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
{ يا أيُّها الذينَ آمنوا اتَّقوا اللّه حقَّ تُقاتِه ولا تَموتُنَّ إلا وأنتُم مُسلمونَ }[ آل عمران: 102].
{ يا أيها الناس اتَّقوا ربكم الذي خَلَقَكُم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجَها وبَثَّ منهُما رِجالاً كثيراً ونساءً واتَّقوا الله الذي تساءَلونَ به والأرْحامَ إِنَّ اللّه كانَ عليكم رَقيباً }[النساء:1].
{ يا أيها الذينَ آمنوا اتَقوا اللّه وقولوا قولاً سَديداً. يُصْلحْ لكُم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لكم ذُنوبكم ومَن يُطِع اللّه ورَسولَه فقد فازَ فوزاً عَظيماً }[ الأحزاب: 70- 71].
أما بعدُ؛ فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللّه، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمورِ محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعة ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار.
فهذه كلمات من القلب إلى كل ذي قلب منيب، كلمات عسا أن ترقق لنا قلوبنا، وتُفتّح أذهاننا، وتزيل الغشاوة التي قد أظلت دروبنا ..
{ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } نعم ذكر الله عز وجل فبه يسعد المرء وبه يستضيء وبه يخرج من الظلمات إلى النور ..
وذكر الله عز وجل لا يقتصر على عمل اللسان فقط، وإنما يشمل الإمتثال لاوامره، بطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر ..
والفلاح كل الفلاح بالاعتصام بالكتاب والسنة والإمتثال لأوامر الشرع الحنيف ..
قال تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
وقال تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا }
وقال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
وقال تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }
وكما أنه من يطع الله عز وجل فلح ونجح، كذلك من عصا الله عز وجل خاب وخسر ..
وقال تعالى: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا }
وكما جاء في صحيح مسلم:
أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله )).
فالشاهد: فالطاعة الرشاد، وفالعصيان الظلال ..
وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى وشرد على الله كشرود البعير.
قالوا: ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟
فقال: من اطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى )). الصحيحة
وكل ما نهى الله عز وجل عنه ورسوله فقد فُصل ووضح .. فما علينا إلا بالعمل والإتباع ..
وهناك دسائس نعملها، نراها لا شي، وهي كبيرة، والكثير اليوم يستهين بمثل هذه الأعمال، على حسب نظره أنها لا شي وصغيرة وأنها لا تأثر ..
وإن نُبّه عليها قام وعترض وناقش وزدجر ..
قال تعالى: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
ونحن نقول لا بأس بالنقاش فلا مانع منه لتبين الحق وتوضيحه، ولكن في النهاية يجب علينا اتباع الحق والإمتثال به واتباعه .. وإلا خرجنا من هذا الوصف المذكور في الآية ..
وهذه المقدمة هي الأساس قبل كل شيء .. وهو الإيمان التام في طاعة الله ورسوله، والإمتثال لأوامر الدين .. فإن اتفقنا على هذه المقدمة، كان الخير فيما هو آت ..
ومن بعض الأمثلة على الأمور التي يستهين بها الناس اليوم ( كلام اللسان ) وما أدراك آآفاته..
فإن للسان آفات خطيرة وكبيرة، وقد أتت النصوص الشرعية بالتحذير منها ..
قال تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }.
وقال تعالى: { يوم تشهدُ عليهم إلسنتُهُم وأرجلُهُم بما كانوا يعملون }.
وقال صلى الله عليه وسلم: وإن امرؤ شتمك وعيرك بأمر يعلمه فيك ؛ فلا تعيره بأمر تعلمه فيه فيكون لك أجره وعليه إثمه ولا تشتمن أحدا )). الصحيحة.
وفي رواية: وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه ؛ فإنما وبال ذلك عليه )).
وقال صلى الله عليه وسلم: إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك . وإن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل للرجل : اتق الله فيقول : عليك بنفسك )). الصحيحة
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا )). صحيح الجامع
وقال صلى الله عليه وسلم: يامعاذ ! ثكلتك أمك وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم ؟ ! فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ فليقل خيرا أو يسكت عن شر قولوا خيرا تغنموا واسكتوا عن شر تسلموا )). الصحيحة
وفي رواية: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ فقلت: بلى يا رسول الله.
قال: رأس الأمر وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد.
ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟
فقلت له: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه فقال: كف عليك هذا.
فقلت: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟
فقال: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس على وجوههم في النار أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )). الصحيحة.
- ومن هنا ننقل لكم ما كتبه أخونا إبراهيم المزروعي حفظه الله تعالى، ومن كتابه أنقل – حصائد الألسن-.
قال: وبالألسنةِ عُبِد غيرُ الله تعالى، وبالألسنة حُكم بغير حكم الله، وبالألسنةِ أُحدثت البدعُ، وبالألسنةِ قطعّت أرحامٌ، وبالألسنةِ نزفت دماءٌ، وبالألسنةِ عُذِّب مظلومون، وبالألسنةِ طُلّقت نساءٌ بريئاتٌ، وبالألسنةِ نُهبت أموالٌ.
فلا بد من الحديث عن اللسان وعن خطرِه، لنحذر من شرِّه، ولننجوا من النّار.
فسنتكلم عن حصاد الشرِّ من اللسان للتحذير من كلِّ قبيح يخرجُ منه، ولنجاهد أنفسنا في صدِّه عن الشرِّ.
الآيات في اللسان:
قال تعالى: { ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ } سورة ق 18 .
وقال تعالى: { يوم تشهدُ عليهم إلسنتُهُم وأرجلُهُم بما كانوا يعملون } النور 24.
الأحاديث في اللسان:
1- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ( من كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) متفقٌ عليه.
2- عن بلال بن الحارث قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( إنّ الرجلَ ليتكلم بالكلمةِ من رضوان الله تعالى، ما يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، فيكتُب اللهُ له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإنّ الرجلَ ليتكلّمُ بالكلمةِ من سخطِ الله، ما يظنُ أن تبلغَ ما بلغت، فيكتُبُ اللهُ عليه بها سخطَهُ إلى يوم القيامة ) صحيح الجامع 1615 .
3- عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( أمسك عليك لسانك، وليسعْك بيتُك، وأبك على خطيئتك ) صحيح الجامع 1388 والصحيحة رقم 888 .
4- عن ابن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( أكثرُ خطايا ابن آدم في لسانه ) الصحيحة رقم 534.
5- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( أكثرُ الناس ذنوباً، أكثُرهم كلاماً فيما لا يعنيه ) صحيح الترغيب والترهيب.
6- وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( من يضمنْ لي ما بين لحيَيْهِ وما بين رجليه، أضمنُ له الجنّة ) متفقٌ عليه.
7- قال رسول الله يوماً لأصحابه: ( أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلسُ فينا من لا درهمُ له ولا متاعٌ، فقال: إنّ المفلسَ من أمَّتي من يأتي يوم القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضربَ هذا، فيُعطى هذا من حسناتهِ، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه، أُخذ من خطاياهم، فطُرحتْ عليه، ثم طُرِحَ في النّار) رواه مسلم.
8- وعن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( إنّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكُم منَّي مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً ، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم منَّي يوم القيامة الثرثارون، والمتشدّقون، والمتفيهقون ، قالوا: يا رسول الله ما المتفيهقون؟ قال: المتكبّرون ) صحيح الجامع رقم 2197
والنصوصُ في الأمر بحفظ اللسان والتحذير من خطره كثيرة جداً .
وأمّا كيف كانَ السلفُ الصالحُ مع ألسنتِهم؟ فإليك بعضُ المواقف:
1- دخل عمر بنُ الخطاب يوماً على أبي بكر الصَّديق رضى اللهُ عنهما وهو يجبذُ لسانَه ، فقال عمر: مه ، غفر اللهُ لك ، فقال له أبو بكر ( إنّ هذا أوردني الموارد ) صحيح الترغيب والترهيب وهو في الموطأ.
2- قال عبد الله ابنُ زكريا ( عالجتُ الصمتَ عشرين سنة ، فلم أقدِر منه على ما أُريد )
3- وكان عبد الله بنُ وهب يقول ( نذرتُ أني كلَّما اغتبتُ إنساناً أن أصوم يوماً ، فأجهدني، فنويتُ أنِّي كلَّما اغتبتُ إنساناً أن أتصدَّق بدرهم ، فمن حُبِّ الدراهم تركتُ الغيبة )
قال الذهبيُّ معلّقاً على هذا القول ( هكذا واللهِ كانَ العلماءُ ، وهذا هو ثمرةُ العلم النافع ) سير أعلام النبلاء.
4- قال ابراهيمُ التيميُّ ( أخبرني من صحب الربيع بن خثيم عشرين عاماً ما سمع منه كلمةً تعابُ ).
5- قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه ( يا لسانُ: قلْ خيراً تغنم ، اسكت تسلم من قبل أن تندم ) السلسلة الصحيحة رقم 534 .
والآثارُ عن السلفِ كثيرةٌ .
نتائجُ عدمِ حفظِ اللسان:
1- الاستهانةُ بأوامرِ الله تعالى ورسوله التي تأمر بحفظ اللسان عن الشر. والاستهانةُ بالمحرّمات التي تأتي عن طريق اللسان .
2- نقصانُ الإيمانِ بالله واليوم الآخر لحديث (من كانَ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ، فليقلْ خيراً أو ليصمت) متفق عليه. فعند الوقوع في أعرض الناس وحصائد الألسن يكون الإيمانُ ناقصاً .
3- الاستهانةُ بالرقيبِ العتيد ، وقد يعتقدُ برقابة البشر فيُحسِّنُ ألفاظَه تجاههم.
4- نقصانُ الإيمانِ بالجنّةِ والنّار وعذاب القبر والإيمانِ بالقدر .
5- ظهورُ بعضِ الأمراض القلبية ومنها الحسدُ والكبْرُ والبغضاءُ وغيرها .
فما هي حصائدُ الألسُن؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( وهل يكُبُّ النَّاسَ في النّار على وجوههم أو على مناخرهم إلاّ حصائدُ ألسنتهم ) أحمد والترمذيُّ وابنُ ماجة - ارواء الغليل 413 .
وهذه بعضُ حصائد الألسُن:
(1) الشركُ: الأكبرُ والأصغرُ والخفي: ومن صور الشرك عن طريق اللسان: الكذب على الله تعالى والكذب على رسول الله صلي الله عليه وسلم ، الفتوى بلا علم ، الحكمُ والتحاكمُ بغير ما أنزل الله تعالى ، دعاءُ غير الله تعالى ، سؤالُ الكهَّانِ والعرّافين ، الحلفُ بغير الله تعالى ، الاستعاذةُ والاستغاثةُ بغير الله تعالى ، إنكار اسم من أسماء الله أو صفةٍ من صفاته ، سبُّ اللهِ ورسوله والقرآن والسنّة والملائكة والرُّسل وهكذا .
(2) ومن حصائد الألسُن: البِدَعُ: ففي الحديث (إنّ اللهَ حجب التوبة عن كلِّ صاحب بدعةٍ حتى يدعَ بدعتَه) وقد تكون هذه البدعُ في العقيدة أو الصلوات أو الأذكار أو الأدعية .
(3) اليمينُ الكاذبةُ عمداً: وهي اليمينُ الغموس.
(4) شهادةُ الزور .
(5) القذفُ ، والبهتانُ والافتراء مثلُ رميُّ أتباع السلف أهل الحديث ببغض الأئمةِ وتكفير الناس .
(6) الكذبُ: ومنه:
أ- دعوة الصغير لأخذ شيئٍ وليس مع الدّاعي شيئٌ، فعن عبد الله بن عامرٍ قال: ( أتى رسول الله صلي الله عليه وسلم في بيتنا وأن صبيٌّ ، قال: فذهبتُ أخرجُ لألعبَ ، فقالت أمِّي: يا عبد الله تعال أعطيك ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم( ما أردت أن تعطيه؟ قالت تمراً ، فقال رسول الله أما أنّك لو لم تعطيه شيئاً كُتبتْ عليك كذبة) الأحاديث الصحيحة رقم (748).
ب- ومن الكذب التحدُّث بكل ما يُسمع لحديث ( كفى بالمرءِ أن يحدِّث بكلِّ ما سمع ) صحيح الجامع (4358). لأن ليس كل ما يُسمع يقال ففيه الصدق وفيه الكذب.
ج- ومن الكذب التحدُّث بالكذبِ لإضحاكِ الناس ، لحديث ( ويلٌ للذي يُحدِّثُ فيكذُبُ ، ليُضحِكَ به القومَ ، ويلٌ له ، ويلٌ له ) صحيح الجامع (7013) .
(7) ومن حصائد الألسُن : النميمة لحديث ( لا يدخلُ الجنّة نمَّام ) متفق عليه .
(8) ومن حصائد الألسُن : الغيبةُ وهي كما في الحديث ( الغيبةُ أن تذكر الرجلَ بما فيه من خلفِه ) صحيح الجامع (4062) .
وفي رواية ( الغيبةُ ذكرُك أخاك بما يكره ) صحيح الجامع (4063)
ومن الغيبةِ:
1- قول القائل ( نعوذ بالله من قلَّة الحياء ) أو ( نعوذ بالله من الضلال ) إذا ذُكر شخص أمامه فإنّه يجمع بين ذم المذكور ومدح النفس .
2- قول القائل هذا صغيرٌ تجوز غيبتُه ، أو هذا قصيرٌ أو طويلٌ أو سمينٌ بقصد السخريةِ.
3- التساهلُ في غيبةِ العاصي والفاسق والمخالف مطلقاً إلاّ المجاهر.
4- قول: هذا هندي أو أردني أو عجمي أو بدوي أو نجّار ، إن كان قاله تحقيراً أو انتقاصاً .
(9) ومن حصائد الألسن: إفشاءُ السِّر وهذا من الخيانة في الأمانة .
(10) ومن حصائد الألسن: السخريةُ والاستهزاءُ والتنابزُ بالألقاب .
(11) ومن الحصائد : الغناءُ المحرَّمُ الذي يثيرُ الشهوةَ أو السخريةِ أو غيرها.
(12) ومن حصائد الألسُن : الشعرُ وخاصةً الذي فيه شركٌ وفسوقٌ وغلوٌّ بالرسول أو الأولياءِ أو الصالحين ، أو إنكار البعث والنشور ، أو بذكر النساء والحثِّ على الفاحشة والزنا ، أو مدح المرء بما ليس فيه أو الهجاء.
وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ( لأنْ يمتلئ جوفُ رجلٍ قيحاً حتى يُرِيَّهُ ( يغلَبَه) ، خيرٌ له من أن يمتلئَ شعراً ) متفقٌ عليه - صحيح الجامع (4925).
أما الشعرُ المباح فهو الذي لا يشغلُ عن الكتابِ والسنّةِ والدعوةِ إلى الله تعالى ، ويكون في الأذكارِ والمواعظِ والرقائقِ والحكم ، لحديث ( إنّ من الشعرِ حكمةٌ ) متفقٌ عليه - صحيح الجامع (2215). والشعرُ كلامٌ حسنُه حسنٌ وقبيحُه قبيحٌ .
(13) ومن حصائد الألسُن: المزاحُ غير المباح الذي يؤدِّي إلى السخرية والضيقِ والحرج والعداوةِ وغيرها من المفاسد.
(14) ومن الحصائد: الجدالُ والمراءُ الذي يؤدي إلى الخصومة والبغضاء .
(15) ومن الحصائد: سبُّ المسلم ولعنهِ لحديث ( سبابُ المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ ) متفق عليه.
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إنّ العبدَ إذا لعنَ شيئاً صعدت اللعنةُ إلى السماء ، فتُغلقُ أبواب السماءِ دونها ، ثم تهبطُ إلى الأرضِ ، فتُغلقُ أبوابُها دونها ، ثم تأخذُ يميناً وشمالاً ، فإذا لم تجد مساغاً ، رجعت إلى الذي لُعِنَ فإن كانَ لذلك أهلاً ، وإلاّ رجعتْ إلى قائلها ) صحيح الجامع (885).
(16) ومن الحصائد: الدعاءُ على النفسِ والأولاد والأموال والخدم:-
عن جابر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لا تدعو على أنفسكم ، ولا تدعو على أولادكم ، ولا تدعو على خدمكم ، ولا تدعو على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعةً ، يُسألُ فيها عطاءٌ فيستجابُ لكم ) صحيح الجامع الصغير (7144).
ومن الأدعية المنتشرة في بلاد المسلمين: ( الله يلعنك ، الله يقطعك ، روح قلبي وربي غضبان عليك ، داهية تخيِّبك ، سبعة شلُّوك ، الله يغربلك ، الله يأخذك ، يبعث لك حمَّى ، العين تسفأك ) وهكذا .
(17) تحريم قول العبد: هذا من أهل الجنّة ، أو من أهل النار أو لا يغفرُ اللهُ له .
(18) ومن حصائد الألسن: الطعنُ في الأنساب والفخرُ بالأنساب .
(19) ومن الحصائد : الفحشُ وبذاءُ اللسان: لحديث ( ليس المؤمنُ بالطعّانِ ولا اللعّان، ولا الفاحشِ ولا البذيّ ) صحيح الجامع (5257).
(20) ومن الحصائد: الاستغفار للمشركين والكفّار: قال تعالى { ما كانَ للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ، ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبيّن لهم أنَّهم أصحابُ الجحيم } التوبة 113 .
(21) ومن الحصائد : المدحُ في الوجه .
قال رسول الله ( إذا رأيتُم المدّاحين فاحثُوا في وجوهِهِمُ التراب ) رواه مسلم . وعن معاوية قال: قال رسول الله ( إيّاكم والتمادح فإنّه الذبحُ ) صحيح الجامع (2671) .
(22) سبُّ الشيطان والديك والدابة: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم(لا تسبُّوا الشيطانَ ، وتعوّذوا بالله من شرِّه) صحيح الجامع(7195).
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لا تسبُّوا الريح فإنها من روح الله ، تأتي بالرحمةِ والعذاب ، ولكن سلوا اللهَ من خيرها وتعوّذوا بالله من شرِّها) صحيح الجامع ( 7193).
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لا تسبُّوا الديك فإنه يوقظُ للصلاة ) أبو داود - صحيح الجامع (7191)
وعندما قالت المرأة للناقة ( اللهم ألعنها ، قال رسول الله ( خذوا ما عليها ، ودعوها فإنَّها ملعونة ) رواه مسلم.
فما هو علاج اللسان الذي يقع في الشرِّ؟
1- معرفةُ عظمة الله تعالى وأسمائِه وصفاتِه يؤدّي إلى تعظيم حرماتِه .
2- معرفةُ نعيم الجنّة وعذابِ النّار والقبر .
3- تذكُّرُ الموتِ وقصر الأمل .
4- قراءة الكتب وسماع الأشرطة التي تحذّر من أخطارِ اللسان وحصائده.
5- الإكثار من الطاعات والقربات حتى تزيد الحسناتُ فتوزنُ السيئاتِ .
6- ومن العلاج: الصمتُ لحديث ( رحم اللهُ عبداً قال خيراً فغنم أو سكت عن سوءٍ فسلم ) صحيح الجامع (3490).
وحديث ( من كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخر ، فليقل خيراً أو ليصمت ) متفق عليه.
7- مصاحبةُ أهل الصلاح والتقوى من أهم أسباب علاج آفات اللسان.
8- تنفير الشيطانِ بالاستعاذة بالله منه وقراءة القرآن وخاصةً المعوذات والبقرة .
9- الاشتغال بالطاعات كالعلم والتعليم والصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن .
10- السعيُ لتنقية القلب وعلاجه من الأمراض ومحاسبة النفس دائماً.
ومن ثمرات حفظ اللسان:
1- الفوزُ برضوانِ الله تعالى والجنّة .
2- إن الذي يحفظ لسانه من أفضل المسلمين ومن أحبَّ الناس إلى رسول الله وأقربهم منه مجلساً يوم القيامة.
3- أنه ناجٍ من عذاب الله لحديث ( من صمت نجا ) أحمد والترمذيُّ - صحيح الجامع (6243).
4- العلاقةُ الطيبةُ مع الخلق .
5- إراحةُ النفسِ من المتاعب والهمِّ والمشاكل .
----------------------------------------------------
وأقول أن من الأمور التي يُستهان بها اليوم ( الكلام في الهاتف النقال ) على كل أحواله، ومنهم من يتكلم مع غير محارمه، إما أن يكون قريبا من الأقارب أو أجنبيّا، وهذه من أشد المخاطر، فإن هذه الوسيلة تجرّ إلى ما هو أعظم، ولها من المفاسد الكثيرة التي لا يحمد عقباها، ولا ينكر ذلك أحد، ومن أنكر ذلك فإنما هو مكابر ومعاند.
وعلى المرء أن يتق الله بنفسه، ويعلم أنه يتعامل من علام الغيوب سبحانه، وأن الله يعلم ما في الصدور..
ولا تغرّنّك فعل صغيرةٍ، وهي عند الله عظيم ..
عن أنس رضي الله عنه قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات.قال أبو عبد الله: يعني بذلك المهلكات. صحيح البخاري.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }