موقع الشاعرغازي البراك موقع الجميع - عرض مشاركة واحدة - (( تحتر تبرد ترى الأخلاق خربانه ))
عرض مشاركة واحدة
 
قديم 06-01-2011, 04:59 PM   رقم المشاركة : 1
شاعر
 
الصورة الرمزية أبوحنان الشمري





الحالة
أبوحنان الشمري غير متواجد حالياً

أبوحنان الشمري is on a distinguished road


 

Thumbs up (( تحتر تبرد ترى الأخلاق خربانه ))


( المور ) اختصار لشاحنات المرسيدس وهي واحدة من أنواع السيارات التي كانت تجوب صحاري المملكة وبواسطتها يتنقل الركاب وتنقل المواد والأغذية ، وكان اللوري خاصة له شأن عظيم فقل من يمتلكه في الوقت السابق.
وعن المور هذه قصيده للشاعر الكبير عيد بن مربح القلادي الرشيدي وهو شاعر غني عن التعريف خلد اسمه من ذهب في دواوين الشعر النبطي على مستوى الخليج وهو شاعر محاورة مبدع وشاعر نبط مذهل.
عيد بن مربح يكد الطريق الذي يمر بقريته "ميقوع " ،، وكان يرتاح فيها عند أولاده في ذهابه وأيابه ، وفي إحدى الأيام ، وجد نفسه وقد تراكمت عليه الديون ، وأصبح مطلوبا من الديانة والجهات الأمنية والقضائية ، فلم يستطع الوقوف أو المرور من ذلك الطريق ، ولم يتمكن من رؤية بناته ، إلا خلسة ، وهن يلعبن مع بنات جيرانه بعد العصر.
وكان يمر من أمام منزله ولا يستطيع الوقوف ، وفي إحدى المرات عندما اشتد حزنه وفاضت قريحته في وسط هذه الظروف قال هذه الأبيات التي تعبر عن عاطفة جياشة مخاطبا سيارته المور:
يالمور خذ خانة الخامس من اليمنى
تحتر تبرد ترى الأخلاق خربانه
ويقول مكررا هذا الخطاب ، ولكن بلغة أقسى وأشد مرارة ، وبمفردات تنبيء عن حسرة وألم شديدين:
والله لتبطي وحنا ماتفاهمنا

مادام ميقوع ماعقبت قلبانه
في هذه الأبيات الاستهلالية الجميلة يستحث الشاعر فيها سيارته "المور " على مساعدته على تجاوز هذا الظرف العصيب ، ويستاذنها بما عودها عليه عندما كان يقف ، ويرتاح ويقابل بناته ويطمئن عليهن ويقول شارحا ومشهدا "المور" الذي اتحد معه ، واستعد بكامل قوته على بلوغ هذا الهدف ، والوصول إلى هذه الغاية ، وتجاوز هذا المشهد المحزن ،
والأجمل أن هذا المشهد عندما يصل ذروته ، ويتحول إلى هذا الموقف المحزن يطلعنا على صورة بيانية جميلة تتشكل جزئياتها في أعماق الشاعر وتوحي لنا أن الجمادات في الكثير من المواقف تقف بكل ماتستطيع إلى جانب أصحابها بينما البشر والناس يقفون مواقف قاسية وفيها الكثير من الغلظة والجفوة على بني جلدتهم ، متناسين طبيعتهم ، ويتعاملون مع غيرهم بفوقية بغيضة ، وبطريقة منافية لما سنته الفطرة ، ووجهت به الأديان وأمرت به الشرائع الدينية:
لا تشكي الوقت حنا الوقت ظالمنا

دليل ظلمه تراك تشوف برهانه
تحول "المور " إلى صديق حميم للشاعر ، فهو يشكو له ، ويسر له بمكنوناته ، ويؤكد له صعوبة الموقف ، وحاله مع الدنيا في هذه الصورة البلاغية الجميلة التي تشبه إدبار الدنيا وازورارها بالدلو المشققة التي تضيع ماءها ، وذلك في صورة بديعية يتفوق الشاعر في صياغتها ، وتنم عن شاعرية وعبقرية فذه:
إن أدبرت شدنا يرخي محازمنا

نروي بدلوٍ يضيّع ماه شقانه
وعن حال الأصدقاء وما يقومون به من ازورار عندما تتكالب الظروف ويشتد وقعها وتتطور لتصبح مشكلة اجتماعية تستعصي على الحلول ، ويصبح الصديق فيها كما وصفه في هذا البيت الجميل الذي يفيض حكمة وخبرة بالناس والرجال:
وننادي أقرب صديق ولايكلمنا

يبين وسم الغضب بأطراف حجانه
صورة مألوفة للجميع ، فالكل يشاهدها والكثير يعرفها تمام المعرفة ، ولكن قل من يلتقطها ، ويجيد نقلها.

فالعدو لايعود صديقا فقط ، بل أن صداقته تتجاوز الى أكثر من العودة ، ولا تكتفي بها ، ولكنها تتحول إلى استعداد تام للخدمة وقضاء الحاجات ، والمكوث الطويل بالقرب من أولئك الأعداء السابقين ،، فالدنيا عندما تقبل:
ليا أقبلت خصمنا يقضي لوازمنا
صداقته تستحل بيوت عدوانه
وعن الدروس والعبر والمواقف التي استفادها ولا ينسى تذكيرنا بها:
عزالله أنا من الدنيا تعلمنا

درسٍ صعيبٍ على التلميذ نسيانه
ومع وجود كل تلك الأسلاك المكهربة والشائكة التي تحول بينه وبين منزله وأفراد أسرته وخاصة بناته ، فلم يفقد الأمل بالله سبحانه وتعالى ، ويرجو من الله أن يجد في طريقه صديقا صادقا يخبره عن حال أسرته ، ويطمئنه على أحوالهم:
يالله تجيب الرفيق اللي يعلمنا

أبنشده عن غريب وحال عربانه
ويتمنى أنه في هذه الظروف أمن أبناءه في بيت جدهم ، وتركهم هناك ليطمئن على سلامتهم ، وعدم تعرضهم للشر وأصحاب الشر وضعاف النفوس:
لو كان في بيت جدانه محط أمنا

يا وسع صدري عليه ببيت جدانه
وفي هذا البيت الأخير يتمنى لو أن بعد المسافة هو الذي يمنعه من رؤية أسرته لكن:
لو المدى البعد مرينا وسلمنا

مير البلا شوفة الديان ديانه
لو أن بعد المسافة هو الذي يمنعه من رؤيتهم لهانت الأمور ، ولكنه الخوف من الوقوع في ذلك الفخ الذي نصبه له الديان ، بالقرب من منزله.

وهو ليس خوف من العقوبة التي ربما يتعرض لها ، ولكنه خوف من انقطاعه عن عمله الذي يوفر له ولأسرته لقمة العيش ، وتسد حاجته ، وتغنيه وتغني بناته عن الحاجة إلى صدقات وحسنات المحسنين.
مأساة ، ومعاناة حقيقية وصادقة ، ولا غرابة في حدوثها ،، وتتكرر مشاهدها أمامنا في كل زمان ومكان ، رصدها وسجلها لنا عيد بن مربح ، في هذه الأبيات الجميلة التي راح يتغنى بها الركبان ، وقائدي المركبات ، قبل أن يخرج أصحابها من الخدمة ، ويسلموها إلى جنسيات أخرى لاتجيد التغني بها ، ولا تجيد ثقافتها ، وساهمت في الكثير من ضياعها وضياع أخواتها من الإعراب.
وسلامتكم

مما راق لي فنقلته لكم






من مواضيع في المنتدى

التوقيع :

القلم .. أمانة

رد مع اقتباس