صدى الواقع
الهلال والبطولة 51 والكبسة
خالد المشيطي

قبل سنوات كتبت بعد بطولة فاز فيه الهلال أقول: مللت من كثرة ما أكتب عن بطولاته، فلم تعد تسعفني ذاكرتي بمفردات جديدة حتى بتّ أكرر ما أقول، كان لابد من الاستعانة بآخرين ليزودوني بما أجهله من مفردات وبيان، أذكر أنني استعنت بكتاب الأديب الراحل عبدالمحسن التويجري (أبا العلاء ضجر الركب من عناء الطريق) ليزودني بعبارات تنضح بجمال الأسلوب فكتب ما كتبت، ثم استعنت برواية أحلام مستغانمي (ذاكرة الجسد)، ثم لحقهما آخرون فيما بعد: العقاد، مظفر النواب، أنيس منصور، غازي القصيبي، وغيرهم، ظل الأدباء مركز إسعاف أتوجه إليه حينما أريد أن أكتب عن الهلال، الآن لم يستقبلني أحد لأنني أشغلتهم بتوسلي وتسولي!

أكتب هذه المقالة وأنا أتجهز لأكتب مقالة أخرى عن الهلال ربما بعد أيام، بعد أن يفوز ببطولة الدوري رسميا، ثم الاحتفال بها، ماذا سأكتب أيضا؟ هل يجوز أن أنسخ مقالتي هذه وأنشرها مرة أخرى؟!

لا تلوموني إن فعلت ذلك، فالهلال أتعبني وأتعب زملاء القلم، من يحبه ومن يكرهه، كل بضعة أشهر عليهم أن يجهزوا أسلحتهم الكتابية ليصفوه من جديد حينما يبدع، لم يتعبنا أيضا، بل أتعب نفسه، ولذا قررت إدارته ألا تقيم احتفالا ببطولة كأس سمو ولي العهد، واتخذت الآسيوية عذرا لها، تمنيت لو أنها صارحت الجمهور وقالت: مللنا من كثرة الاحتفالات!

إنه ملل يساوي ملل من ظلوا يكتبون عنه ليوقفوه ولم يستطيعوا، وملل الخصم من الهزائم، والمرميات من الأهداف، هو أيضا صداقة ارتبطت بحبل وثيق، صداقة أرض المنصات لأقدام اللاعبين، وصفحات الصحف لمفردة (الهلال)، وأجساد الشباب لقمصانه، والشفاه لاسمه، والأماكن لرسمه.

اسألوا أي هلالي: هل بات للبطولات طعم؟! سيجيب: تعودت عليها كما تعود السعودي على أكل الكبسة، فلا يشعر بقيمتها إلا عندما يفقدها، تمر السنوات والهلاليون يستقبلون البطولة تلو البطولة، ربما تحضر دون أن يشعروا، فقط سينتبهون إلى أن شيئا غريبا حدث إن مرت سنة دون أن يحصلوا على بطولة، أقترح أن يتبدل الحال في الهلال فتفعل إدارته شيئا جديدا، تمسح كلمة (احتفال) من قاموس النادي وتبدلها بكلمة (عزاء) لأن هذا هو النادر فعلا!

خلال لقائه مع الوحدة لم نكترث - أنا وأصدقائي - كثيرا بماستؤول إليه النتيجة، كنا نعلم يقينا أن الكأس في جيب الهلال، فقط حضرنا لنستمتع بإبداع أزرق معتاد، وبكم متوقع من الأهداف، وهو ما حدث فعلا، ولا غرابة أن يسجل الهلال خمسة أهداف، الغرابة أنه حضر إلى ملعب الشرائع من توقع أن يخسر الهلال، والغريب أنه وجد من هدد وتوعد وتوقع أن يسحب الكأس من بين أنيابه، والمثير أنه وجدت حالات إغماء، بالطبع لا أفسرها كما فسرها البعض من أنها صدمة الأهداف المتوالية في مرمى الوحدة، لأنه لا يغمى على عاقل يقابل فريقه الهلال!!

فعل من كتب الرقم (51) وأحضره إلى المدرج، لأنه وثق مما يفعل، هو مجرد إحصاء لبطولاته، وتنبيه للمتغافلين، والمشككين، والجاحدين، والحاقدين، هي بطولات الزعيم، فلينتبه ساهٍ، وليستيقظ نائم، وليتذكر ناسٍ، وليعرف جاهل!

أخيرا: ألا ترون أن بقية الأندية بحاجة إلى أن تتعلم منه كيف تطور نفسها؟ ما المانع أن تدخل مدرسته لتأخذ محاضرات عنوانها (الطريق السليم في الحصول على البطولات).