رياح شرقية
«الكلاسيكو» فضحنا والحبل على الجرار
محمد الشيخ
وافقني صديقي (أبو عبدالله) حول رؤيتي التي قدمتها عبر برنامج (كل الرياضة) في القناة الرياضية السعودية لمباراة الاتحاد والهلال الأخيرة، والتي ذهبت فيها إلى أن مستوى المباراة بشكل عام وأداء اللاعبين بشكل خاص لا يليقان بسمعة «كلاسيكو» الكرة السعودية، ولا يعبران عن مستوى فريقين يتنافسان على لقب الدوري السعودي، بيد أنه اختلف معي في التفاصيل التي عرجت عليها، إذ يرى أنني لو اكتفيت بالقول بأنها «مباراة حواري» لكفيت نفسي عناء المسألة.
في تحليلي أرجعت سبب تدني مستوى المباراة، وانخفاض عطاء اللاعبين إلى ثلاثة عوامل؛ أولها إيقاف الدوري لما يربو على شهر ونصف، وثانيها انعكاس إخفاق المنتخب في كأس آسيا على نفسيات لاعبي الفريقين الذين يمثلون غالبية لاعبيه، وثالثها حساسية المباراة باعتبارها تمثل منعطفاً مهماً في تحديد ملامح المنافسة على اللقب.
ولا أخفي الآن حقيقة أنني نسيت أن أقول بأن المستوى العام للاعبي الاتحاد والهلال هو ترجمة لمستوياتهم الباهتة مع المنتخب، وأن مستواهم في المباراة هو –بالفعل- مستواهم الحقيقي، وأنهم لو كانوا يملكون أفضل من هذا المستوى لقدموه، سواء في «الكلاسيكو» أو قبل ذلك مع المنتخب، ويثبت هذه الحقيقة المستوى الذي يقدمه نادي الشباب الذي ودع مؤخراً كأس ولي العهد في أول مباراة له على يد الرائد، ولم يتمكن من اقتناص نقاط مواجهته الأخيرة مع الحزم إلا بشق الأنفس؛ رغم أنه يضم بين صفوفه بعض أعمدة المنتخب، وقبلهم جميعاً الأهلي الذي أضاع طريق المنافسة مبكراً وهو الذي يتمثل بلاعبين دوليين أيضاً.
وهذه الحقيقة التي تجلت بوضوح الآن كانت مؤشراتها قد انطلقت مع بداية الموسم، إذ لا أبالغ إن قلت بأن دوري هذا العام يكاد يكون الأسوأ على الإطلاق، فاللاعبون المحليون يقدمون مستويات باهتة، والأجانب ليسوا أفضل حالاً منهم، حتى من كان منهم بارزاً في مواسم ماضية لم يقدم ما هو مأمول منه كرادوي، وويلهامسون، وأفيجاروا، وفيكتور سيموس، وكماتشو، وأحمد حديد، وهو ما انعكس بالسلب على المدربين الذين ودع غالبيتهم بقرار الإقالة حتى لم يبق سوى 4 من بين 14مدرباً.
والمشكلة أننا كوسط رياضي بكافة مكوناته –ولا أستثني أحداً- ساهمنا في هذا الواقع المؤسف للدوري السعودي، إذ ظللنا نمارس معه عملية تسمين زائفة حينما أصررنا بأنه أقوى دوري عربي، رغم ما فيه من عيوب مكشوفة ظلت ولا زالت تشوه جسده حتى تكاد تحوله إلى مسخ.
والمشكلة الكبرى أننا جميعاً على قناعة بأن المنتخب القوي هو نتاج دوري قوي، ولم نلتفت إلى هذه الحقيقة حتى ومنتخبنا يخسر كل استحقاقاته، ويتخلى عن سيادته التي فرضته يوماً زعيماً للكرة الخليجية والعربية والآسيوية، وعنصراً ثابتاً في منظومة منتخبات «المونديال»، ولم نسأل أنفسنا لماذا لم يعد لدينا منتخب قوي كما كان لدينا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، والسبب –ببساطة- أننا كنا ولازلنا وسنبقى نطارد الأوهام ولا نعترف بالحقائق على الأرض، وواحدة من تلك الحقائق هي التي شاهدناها في «كلاسيكو» الكرة السعودية، ولازال الحبل على الجرار!.