لا ترحل أيها الفارس
عيد الثقيل
امتدت علاقتي بالأمير عبد الرحمن بن مساعد منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وتحديدا قبل تسلمه زمام الأمور في نادي الهلال بأشهر، وطوال هذه المدة تأرجحت علاقتي به بين الفتور والعتاب، وأحيانا الزعل.
أقول ذلك لكي أستبق أي أحكام من قارئ هذا المقال حول صداقة أو علاقة تربطني بالرئيس أو تتهمني بمجاملته، لكنه الحق ولا بد أن تنطق به ألسنتنا.
تابعت حديثه أمس وإعلانه الاستقالة وتحمله المسؤولية بكل شجاعة، وشاهدت كمية الأسى التي حملتها تعابيره والحزن الذي اعتصر صوته، وهو يعلن عن رحيله، ويطلب من الجميع مسامحته إن كان بدر منه خطأ تجاه شخص.
وهنا كمنصفين وعقلانيين لا بد أن نقف في وجه رحيل هذا الرجل الكريم، ولا بد أن نرفض ابتعاد أمثاله عن وسطنا؛ فمثله يصعب تبديله، فهل شاهدتم رئيسا وهو في قمة حزنه وغضبه يتحدث بكل هذا الخلق الرفيع ويقدم الدروس لكل المنتسبين للوسط الرياضي؟ هل شاهدتم رئيسا يغدق على ناديه بكرم يضاهي هذا الرجل؟ هل شاهدتم رئيسا زرع المثالية فعلا وقولا في وسطنا مثل ابن مساعد؟ ألا تتذكرون أن هذا الرجل هو من نقل الاحتراف السعودي، خاصة على مستوى اللاعبين الأجانب إلى عالم آخر، أصبحت كل الأندية تقلده وتعقد المقارنات مع لاعبيه؟ وهل رأيتم رئيسا حقق معاني الوطنية فعلا كما فعل ابن مساعد في مساندته لأشد منافسيه.
لن أسرد مناقب هذا الرجل، ولا أعتقد أنه ينتظر من الأقلام الرياضية كلمة شكر، لكنها الحقيقة؛ فإن خسرنا عبد الرحمن بن مساعد فسنخسر كرياضيين المثالية والروح الرياضية والأخلاق الحميدة، ناهيك عن العمل الاحترافي الذي أسس له في أنديتنا، وقل أن تجد له مثيلا.
يا بن مساعد ارفع رأسك، واعدل عن استقالتك، وإن كنت فقدت الرغبة والدافع في البقاء فتذكر حاجة رياضتنا إلى أمثالك، وتذكر أنك تحمل لواء المثالية والتنافس الشريف في وسط اختلط فيه الحابل بالنابل، وطغى السيئ فيه على الحسن، إن لم تكن تملك الدافع للبقاء فنحن نملك دافعا أكبر لنقول لك: لا ترحل يا رئيس المثالية، لا ترحل أيها الفارس، فالميدان بحاجة إلى رجال مثلك، وخسارة مباراة أو بطولة مهما كانت ليست مبررا لرحيل الفرسان.
لن تكون نهاية العالم إن لم تصبح كأس آسيا سعودية هذا الموسم، فالهلال وشقيقه الشباب قدما كل ما لديهما في هذه البطولة، ولم يوفقا في تحقيق الحلم، وإن خابت الآمال هذا العام فالمنافسة لن تنتهي العام المقبل، ونحن موعودون مع أربعة أندية ستحمل لواء الوطن في البطولة القادمة.
لا تتعجل يابن مساعد، واعلم أن للمشوار بقية، وأن الأحلام لا تنتهي، وهناك فرسان مثلك.