اصمتوا.. إنه الزعيم
سطام الثقيل

ولأنه لفظ والمتعة من رحم واحد، فحتى وهو في حالة استرخاء كان ممتعا للغاية، ولم يمنح كل من تابعه فرحة تأهل باردة سامجة بلا طعم ولا لون ولا رائحة، بل كانت فرحة مختلفة لا تتكرر للجيل الواحد إلا مرة واحدة.

كان مدرسة في كل شيء، منح دروسا بالمجان للكل، كيف تنتصر بسهولة، وكيف تخسر بسهولة، وكيف تكشر عن أنيابك متى ما رغبت وتعود للفرح في أقل من دقيقتين، كانت بطاقة التأهل في يده، ومنحها بإرادته لخصمه، وعندما قرر الخصم الفرح وتجهز أنصاره للاحتفال، انتزعها منه عنوة وقال بصوت واحد: "حاول مرة أخرى".

وبعد أن تذوق أنصاره الفرح تلو الفرح، وملوا منه، ولم يعودا يستشعروه أو يحرك فيهم ساكنا، وبعد أن مل من جندلة خصومه واحدا تلو الآخر بكل سهولة وبنتائج ثقيلة، رغب بمحض إرادته أنه يمنح أنصاره التغيير، أذاقهم الحزن، فقط من أجل أن يستشعروا طعم السعادة.

كان الهلال وكان المكان دوحة قطر، وكان الضحية فريق الغرافة القطري، الذي لا ذنب له إلا نجوم الزعيم الذين رغبوا منح السعوديين وفي ليلة يوم الوطن فرحة خاصة وهدية خاصة، فقط رغبوا في منح الوطن في يومه فرحة أقل ما يقال عنها إنها محفوفة بالجنون.

يجب أن نحتفل ونفرح فحسب، ونصمت ولا نبرم بكلمة واحدة، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولن نستشعر المسؤولية أكثر ممن يبحث عن المجد تلو المجد، ومن وضع البطولة الآسيوية نصب عينيه، وجعلها هدفا استراتيجيا.

الجميع كان في حالة استرخاء، ولم يكن لاعبو الهلال وحدهم فقط أو مدربه أو إدارته، ومن يريد أن يطبل لنفسه ويقول أنا حذرت قبل المباراة، فيجب أن يتذكر أن لاعبي الهلال وفي درة الملاعب وبعيد نهاية المباراة الأولى قالوا بصوت واحد: "انتهى شوط وبقي شوط"، ولكنه العقل الباطن وعمايله، ولا يمكن لكائن من كان أن يخرج فريقا عظيما يصنع المتعة ومنتصرا بالثلاثة من حالة الاسترخاء ولو نطقت بها الأفواه.

هم وحدهم، من جلب النصر، وجلب الفرحة، ويجب أن نرفع لهم القبعة احتراما وتقديرا، وألا نقسوا عليهم وهم من منحنا ومنح الوطن فرحة مختلفة، ويجب أن نلوذ بالصمت ونستعد لفرحة أخرى، وأجزم أن للمجد بقية ولن يتوقف.

لن تكون البطولة الآسيوية أغلى من دموع ياسر الكاسر، ولن تكون أغلى من دموع السويدي ويلهامسون، ولن تكون منعطفا في تاريخ فريق كان ثابتا في القمة منذ تأسيسه بينما خصومه متحركون تارة للأعلى، وتارة متدحرجون للأسفل. سيبقى هرما فاز أم خسر، ولن يحزن على الخسارة إلا بطولة آسيا، فهي من تتشرف به، وهو فقط يضيفها لـ 50 كأسا سابقة ويفكر فيما بعدها، فقدرها أنها أمام فريق لا يعرف إلا التهام البطولات ولا يفرح بها، هي من تتزين به ولا يتزين بها.

خلال دقيقتين فقط لاحت الكأس الآسيوية في الأفق، وأجزم أن أحداث الغرافة جرعة نحو البطولة، ومن شاهد الدموع المخلصة والمحبة والوفية وهي تنثر في ملعب الغرافة سيجزم أن الزعيم لا ينظر للبطولة الآسيوية فحسب، بل سيذهب لما بعد الكأس القارية، ولن أبالغ لو قلت بعد ما بعدها أيضا، وأجزم أن ديسمبر المقبل سيكون مفصليا في تاريخ الكرة السعودية، فقط ترقبوه!!

شكرا جيريتس من القلب، وشكرا ابن مساعد، شكرا لنجوم الزعيم، وشكرا لدموعهم وعرقهم اللذين ارتوى بهما ملعب الغرافة القطري، و"هارد لك" للغرافة ونجومه، كنتم نجوما وتفوقتم على أنفسكم وأسهمتم في المتعة وكنتم تستحقون التأهل، ولكن قدركم أنكم أمام الزعيم.