موقع الشاعرغازي البراك موقع الجميع - بطون قبائل الرشايدة يلونون المكان ويتأثرون به الرشايدة السودان


	بطون قبائل الرشايدة يلونون المكان ويتأثرون به أكثر من سبعين كيلومتر قطعتها العربة باتجاه ولاية الجزيرة وهي تتوغل في عدد من القرى المنتشرة في المنطقة بمحازاة شارع الأسفلت بعد مدينة جياد الصناعية، أشهرها النوبة والمسيد وألْتي وحتى منطقة البشاقرة التي أخذت موقعاً مميزاً تحفه الخضرة من جميع الاتجاهات تجاورها قرية فضل برباطها الاجتماعي الوثيق وتداخلها، وما بين قرية فضل والبشاقرة انتشرت مجموعات كبيرة من قبائل العرب الرُحَّل بخيامهم المصنوعة من الصوف وبعض الحيوانات كالضأن والماعز متشكلة من بعض قبائل العرب الرحل تتقدمها قبيلة الرشايدة ذات الجذور التاريخية المعروفة والتي نحن بصدد زيارتها. قبيلة الرشايدة الجذور والمقام: حينما يقترب فصل الخريف من نهايته في كل عام تبدأ حركة بعض قبائل العرب الرحل في البحث عن موطئ قدم لها بين سهول أرض الجزيرة الواسعة وخيراتها الوافرة، وتعتبر قبيلة الرشايدة واحدة من هذه القبائل التي طاب لها المقام في المنطقة بالناحية الشمالية الغربية من ولاية الجزيرة بالقرب من منطقة المسيد في مساحة واسعة تقع بين قريتي البشاقرة وفضل، وقبيلة الرشايدة تعتبر عنصراً مهماً في التكوين الجغرافي والتاريخي للمجتمع بشرق السودان، وقد عرف عن القبيلةـ التي تتكون من عدد من البطون أبرزها الزنيمات، القزايزة، العرينات وبراصة ـ عدد من الصفات التي لازمتها طوال تاريخها الممتد لمئات السنين، وحافظت عليه الأجيال المتعاقبة وهي تورثها جيلاً تلو الآخر كالارتحال الذي حافظت علية القبيلة. جلسة على خيمة الرشايدة (الزنيمات): انتشرت في المنطقة مجموعتان من الخيام تختلف في الشكل والمساحة وطريقة الإنشاء يلحظها المرء من على البعد، وهو يحاول ان يلتقط بعض معالم المنطقة، وأثناء الحوار الذي دار بيني والزميلين السائق حسن والمصور محمد مرزوق حول أي الخيام نختار لبداية الحوار؟ حصل خلاف بيني والمصور مرزوق وفق رؤية كل منا لتنفيذ أعماله، وفي غمرة ذلك الخلاف، مر رجلان بعربة كارو أثناء وقوف العربة للفصل في أي المنطقتين نختار، فقطع حسن أن نتحاكم إليهم فكان هو أحد أبناء منطقة قبيلة الزنيمات، استضافنا جمعة حميد بزي الرشايدة المعروف بخيمته، وهو أكثر سعادة بقدومنا وأكثر ترحيباً تحفه بعض بنات إخوانه، وزوجات إخوانه وعدد من الأطفال الذين فر قلبهم وصرخوا بالبكاء ظناً منهم أننا حملة للتطعيم، قاطعين بذلك الخوف والشك الذي ظل يلازمني طوال الرحلة حول تجاوب هذه القبيلة والتحاور مع أفرادها، قال حميد إن هذه المنطقة ترجع الى أب واحد اسمه (حميد) قدم الى هذه المنطقة قبل أكثر من 30 عاماً من منطقة حلفا (المسبعات) وطاب له المقام بهذه المنطقة التي شكلت الموطن البديل الذي ترعرع فيه كل الأبناء، مشيراً إلى أن الأصل في القبيلة الترحال كغيرها من بعض قبائل العرب التي يُعتبر الترحال ملازماً لها في مراحل حياتها المختلفة دون أن تتأثر بالمجتمعات المجاورة إلا في بعض الأشياء، قائلاً:" تعمل قبيلتنا ـ خلاف ما اشتهرت به قبائل الرشايدة في الشرق من تجارة ـ في بعض المهن الهامشية كالحراسات في المدارس والمزارع كحراسة محاصيل القطن والعيش في المنطقة التي نقيم بها مع الاعتماد على بعض ما تنتجه البهائم (الماعز والضأن ) في قضاء بعض الحاجيات مع بعض المهن الأخرى التي توفرت لبعض الأبناء في العمل في المصانع المجاورة، مشيراً إلى أنهم إذا وجدوا المنطقة يمكن أن يستقروا بهذه المنطقة التي أصبحت من الأماكن التي تعلق بها الجميع قاطعه جبارة حسن حميد الذي كان ضمن الحضور بالخيمة قائلاً إن هنالك تداخلاً في الأفراح والأتراح بينهم وسكان منطقة فضل التي يجاورونها منذ أمد بعيد فالأولاد يدرسون بالمنطقة مع أهالي فضل الذين يعملون على مساعدة أبنائنا كثيراً في التعليم والتخلص من بعض العادات، مشيراً إلى أنه عندما أتوا الى هذه المنطقة توجه الى المدرسة حتى بلغ الصف الرابع وتخلى عنها في ما بعد لظروف المصروفات، ومساعدة الوالد. أما أحمد محمد حميد الذي يعتبر أكثر أبناء المنطقة تعليماً ببلوغه المرحلة الثانوية قال إن العلاقات الحميمة مع السكان بالمنطقة في القرى المجاورة في البشاقرة والتكينة في الأفراح والأتراح هي التي حببت لهم هذه المنطقة دون سواها، لافتاً إلى أن وجودهم بهذه المنطقة بصورة رسمية استمر منذ العام 1983، مشيراً إلى أنه درس المرحلة الابتدائية بمنطقة الحليلة المجاورة ثم المتوسطة بحلفا لظروف الترحال وكذلك الثانوي درسه بمنطقة حلفا أيضاً نسبة لرحيل الوالد الى حلفا مؤكداً أنه رجع في العام 2003 واستقر مع زوجته وهو يعمل بمستودع كعامل في بعض الأغراض مع صاحب العمل حميد جاد السيد الذي وصفه بالجيد والمتداخل مع الآخرين . العادات والتقاليد عند الزنيمات بالتركيز على الزواج: وللرشايدة الزنيمات عادات وتقاليد تختلف عن بعض القبائل في مناسبتي الفرح والكره، حيث ظلت قبيلة الرشايدة محافظة على العادات والتقاليد التي ورثتها عن الآباء والأجداد طوال هذه الفترة، ففي مناسبة الفرح مثلاً تجتمع الأسر للاحتفال مع الزوج الذي هو غالباً ما يكون أحد أقارب العروس أو من أبناء عمومتها حيث تنخفض المهور مقارنة مع المهور المعمول بها عند قبائل الرشايدة في شرق السودان، حيث أشار جبارة إلى أن آخر زواج كان في المنطقة بلغ المهر فيه 5 ملايين، وهذا طبعاً لبنت العم غير ذلك يمكن أن يرتفع، مضيفاً أن أغراض العروس تتمثل في الشنطة العادية وتكون من اثنين من أي صنف، وهنالك الذهب الذي يُقدم للعروس وهو عبارة عن أساور أو خاتم حسب الاستطاعة إلا أن اللبسة المكونة من المقناع الذي يستخدم لتغطية الوجه مع العباءة الرشايدية يمثل اللبسة الأساسية عند العروس والمحتفلين ومن الأسفل توجد القمصان ذات الألون المتعددة والتي تميزت الرشايدة بلبسها دون القبائل الأخرى تزينها كميات كبيرة من الحلي متعددة الأنواع والأشكال، وبعدها يعد الرجل بيته أو خيمته التي تتكون في الغالب من الأقمشة التي تصنع منها خيم المناسبات، إضافة الى الصوف الذي تنسجه النسوة في الأطراف في شكل شريط مع بعض العمدان التي تصنع من شجر البان وتتراوح تكلفة بناء الخيمة حوالى 600 ألف جنيه وهي لا تسمح بدخول الماء لأنها صنعت بمواصفات معينة ومدبلة من الخارج بعدد من الأقمشة القديمة. بين الرشايدة وسكان فضل قصة تداخل اجتماعي قديم . التداخل الاجتماعي كان واضحاً أثناء زيارتنا للمنطقة وعبر عنه وجود الأستاذة نجاة المبارك بيننا في خيمة الرشايدة، قالت كنت أسكن داخل القرية وعندما ضاقت القرية بالسكان لازدياد عدد الناس خرجت الى منزلي الذي جاور قبائل الرشايدة، قائلة إنه عندما قدمت الى هذه المنطقة قبل 5 سنوات عمر الفترة التي أقمت فيها إلى جوارهم، وجدت هذه المجموعة تسكن في هذه المنطقة مشيرة إلى أنهم أناس طيبون يعملون في حراسة الزراعة بالمشاريع المختلفة وطبعهم غير استقراري، وهذا يعني أنه إذا حضر أحد الآن لأخذهم الى عمل يمكن أن يرحلوا فوراً ويمكثون فترة قد تمتد الى أسبوعين أو شهر ثم يعاودون الحضور مرة أخري للمنطقة، وعن المناسبات في حالتي الفرح والحزن كنت أرى أنها تختلف اختلافاً كبيراً عنا؛ لاختلاف العادات والتقاليد فالفرح عندهم تحتفل فيه النسوة دون الرجال، ويقمن بممارسة عادات الزواج التي تتفق في بعض الملامح مع عاداتنا. الرشايدة العرينات بالبشاقرة : في الناحية الأخرى مجموعة من الخيام تختلف اختلافاً كبيراً عن خيام الزنيمات في المساحة والشكل، صنعت من الصوف الخالص وبطريقة محكمة لا تسمح بمرور أو دخول المياه مع إمكانية رفع جنباتها للتهوية إذا لزم الأمر لمرور الهواء، محدثي فيها كان الشيخ محمد علي أحمد الزبيدي الذي نصب له خيمة بعيداً عن خيام القبيلة وخلا فيها، وعندما اقتربت العربة من الخيام خرج بعض الصبية منها بينما ركض البعض باتجاه خيمة الشيخ لنقل الخبر في ظل همس مجموعة من النسوة لبعضهن في الخيمة المواجه لنا، أثناء ذلك استقبلنا شاب ورحب بنا، وأخذنا الى حيث إقامة الشيخ والذي قابلنا عند الباب، قال الحاج محمد علي الزبيدي أتينا للبشاقرة غرب، وأنا لم ابلغ بعد سن الربعة عشرة ، كانت أحوالنا في البداية الترحال (نمشي ونجي) حتى استقرت الأمور بنا في هذا المقام الذي شهد زواجي وولادة كل أطفالي، وكغيرنا نتأثر بالآخرين والثقافات والعادات، لذلك أجبرنا على التعليم عندما وجدنا كل السكان بالمنطقة يتجهون الى تدريس أبنائهم، مشيراً إلى أن المعاملة الطيبة التي حفهم بها أهالي البشاقرة وبعض المناطق المجاورة كانت سبباً في الاستقرار، لأننا لا نتدخل في شئون الآخرين كطبع كل قبائل الرشايدة، مضيفاً أن بعد هذا التداخل الذي حدث بينهم مُنحوا قطع أرض سكنية لكن عندما تزوج الأولاد رفضت اللجان بالمنطقة منحهم قطع سكنية على الرغم من أن التاريخ يقول إن تواجدنا بصورة رسمية بهذه المنطقة يعود للعام 1983 مما جلب بعض الزعل للقبيلة. ضيق ذات اليد كان حديث الحاج محمد علي صاحب الثمانين عاماً وهو يسترجع الذكريات عن القبيلة والديار وبعض خيرات القبيلة الآفلة من ضأن وتجارة اشتهرت بها في الحدود الشرقية وبعض المناطق في حلفا وشمال السودان حديثاً يثلج القلب لقبيلة ترعرعت في الخير، وعرف عنها الترف والمال الوافر، قال الحاج محمد إن ضيق ذات اليد سلبنا بعض عادتنا القديمة، وواجباتنا المميزة من الناحية الغذائية والتي تتكون في الغالب من اللبن والسمن والبلح (العجوة) قائلاًٍ:" نحن الآن نعتمد على بعض ما تنتجه الماعز والضأن من لبن مع توفير بعض الحاجيات والأغراض من العمل مع الآخرين في الزراعة والحراسات، مضيفاً إنهم كانوا لا يعرفون البتة الطبائخ والوجبات السودانية كالويكة والملوخية، والبامية، التي يعتمد عليها الآن كل الأبناء بعد أن نقلتها زوجاتنا وبناتنا من النسوة بمنطقة البشاقرة. الفرح عند العرينات :الفرح عند العرينات : اختلفت عادة الزواج بين الزنيمات والعرينات على الرقم من قرب المسافة بين المجموعتين والانتماء للقبيلة الأم، حيث فصلت بينهما مجموعة كبيرة من العرب الرحل، فالمهر عند العرينات يكاد لا يتعدى المئتي ألف من الجنيهات يدفعها الزوج كمهر للزوجة مع بعض مستلزمات العروس والتي هي غالباً ما تتشكل من الشيلة وهي في الغالب ملبوسات وإكسسوارات يدفعها الزوج الذي يشترط أن يكون من أبناء القبيلة أو أحد أبناء عمومة العروسة، كما أشار بذلك العم محمد علي، والذي أشار كذلك إلى أن الغيرة على القبيلة هي التي تحكم الرجل في الزواج من بنات عمه حيث لا يمكن أن تتزوج المرأة رجلاً من خارج القبيلة، مضيفاً أن الاستماع للأغاني عندنا مرفوض بالنسبة للمرأة والمرأة التي تستمع للأغاني تجلد حيث يمكن للنسوة الاحتفال مع العروسة في خيمة خاصة بالنساء يجتمعن ويقمن بالغناء بالدلوكة بينما يقوم الرجال بالاحتفال في الخارج في مساحات واسعة يحتفلون بالرقص والغناء بطرق تختلف عن الغناء المعروف يستخدمون في ذلك بعض الأدوات كالسيف والسكين.

منقول من الجريدة الاخبارية السودانية